كيف نرى الليزر من الجانب

تقديم

في قلب فهمنا أو حتى معرفتنا بالكون الذي نعيش ضمنه، يُعتبر الضوء light الركيزة الأساسية التي تنير دروب المعرفة وتكشف أسرار الطبيعة. فالضوء ليس مجرد وسيلة للإضاءة، بل هو لغة الكون التي تتحدث بتعدد ألوانها، حيث أن ضوء الشمس sunlight الأبيض يتكون من تركيب طيفي غني يشمل أطوال موجية متعددة تُضفي على الطبيعة ألوانها الزاهية وتفاصيلها الدقيقة التي يمكن الكشف عنها عن طريق إعتراض مساء هذا الضوء بموشور زجاجي يفصل إلتآم هذه الأطوار الموجية كاشفا وراءه ألوانا قوس قزحية. على الرغم من هذا التنوع، غالبًا ما يُستخدم نموذج الضوء الأحادي monochromatic light في الدراسات التجريبية والنظرية لتبسيط معادلات الانتشار والتحليل الكهرومغناطيسي. لكن هذا النموذج المثالي لا يأخذ بعين الاعتبار perturbations أو الاضطرابات الطفيفة التي تحدث في الوسط، والتي تعد مفتاحًا لفهم العديد من الظواهر البصرية التي نراها في الواقع.

إن التناقض بين النماذج النظرية التي تفترض انتقال الضوء في مسار مستقيم، والظواهر العملية التي تُظهر ظهور شعاع الليزر laser من جانب مساره، يمثل تحديًا علميًا يستدعي إعادة النظر في الافتراضات الأساسية وتوسيع الإطار النظري ليشمل تأثيرات scattering (التشتت) الناجمة عن التفاعلات الدقيقة بين الضوء وجزيئات الوسط.


القسم الأول: إشكالية رؤية شعاع الليزر من الجانب

وفقًا للنماذج الفيزيائية المثالية، يُفترض أن ينتقل الضوء اللزير في خطوط مستقيمة في وسط نظيف خالٍ من أي تأثيرات خارجية؛ وبالتالي، لا يكون مرئيًا إلا إذا تم اعتراضه مباشرةً. لكن الواقع التجريبي يُظهر أن شعاع laser يصبح مرئيًا حتى عند النظر إليه من زاوية جانبية، مما يثير تساؤلات حول مدى صحة النماذج التقليدية التي تتجاهل الاضطرابات الدقيقة.

أسباب ظهور الشعاع من الجانب:

  • الاضطرابات في الوسط:
    حتى في الهواء النظيف، توجد جزيئات دقيقة مثل dust particles و aerosols وwater droplets. هذه الجسيمات تعمل على إعادة توزيع جزء من الطاقة الضوئية بعيدًا عن المسار الأصلي عبر آلية scattering، مما يؤدي إلى إمكانية رؤية الشعاع من زوايا مختلفة.
  • آليات التشتت الأساسية:
    يعتمد نوع التشتت على حجم الجسيمات مقارنةً بطول الموجة (wavelength, λ):
    • Rayleigh Scattering:
      • يحدث عندما يكون حجم الجسيمات (r) صغيرًا جدًا مقارنةً بطول الموجة $(r≪λr \ll \lambda)$.
      • تعتمد شدة التشتت على العلاقة
    • latex²]1λ4\frac{1}{\lambda^4} \(\)
      مما يعني أن الأطوال الموجية القصيرة (كاللون الأزرق) تتشتت بكفاءة أعلى من الأطوال الموجية الأطول (كاللون الأحمر).
    • Mie Scattering:
      • يظهر عندما يكون حجم الجسيمات قريبًا من طول الموجة أو أكبر منه (r≈λr \approx \lambda أو r>λr > \lambda).
      • في هذه الحالة، يكون التشتت أقل حساسية لطول الموجة، مما يسمح للشعاع بالاحتفاظ بلونه الأصلي مع حدوث بعض الانحراف.

التحليل الكهرومغناطيسي للتشتت:

من منظور electromagnetic theory، تُستخدم معادلات Maxwell’s equations لشرح كيفية تفاعل الموجات الكهرومغناطيسية مع الجسيمات الدقيقة في الوسط. تعتمد النماذج النظرية مثل Mie theory وRayleigh approximation على تحليل توزيع energy density حول الشعاع الرئيسي، موضحةً كيف تُعاد توجيه جزء من الطاقة الضوئية في اتجاهات جانبية. في وسط مثالي (مثل الفراغ)، حيث لا توجد جسيمات للتفاعل معها، يظل الشعاع محصورًا في مساره الأصلي وغير مرئي من الجوانب، مما يؤكد أهمية تضمين perturbations في النماذج العملية لفهم الظاهرة بشكل كامل.

الخلاصة الأولية للإشكالية:

إن ظهور شعاع laser من الجانب يُبرز التحدي الذي يواجه النماذج الفيزيائية المثالية عند محاولتها تفسير الظواهر البصرية العملية. هذا التناقض بين النظرية والتجربة يستدعي تعديل النماذج لتشمل التأثيرات الدقيقة التي تحدث في الوسط، وهو ما يمثل خطوة أساسية نحو بناء فهم شامل لطبيعة الضوء. ولتعميق الفهم، يُستحسن الرجوع إلى المقالات المتخصصة والمراجع العلمية الموثوقة مثل تلك المنشورة على موقع ab7at.com، حيث يقدم الأستاذ أبو عبيد شروحات معمقة تجمع بين التحليل النظري والبيانات التجريبية في هذا المجال.


تُعتبر المقدمة والقسم الأول حجر الزاوية لفهم الظاهرة، حيث تُمهد للمتلقي الطريق نحو استيعاب التعقيدات التي تكمن في تفاعل الضوء مع الوسط، وتوضح أن حتى أبسط الظواهر البصرية تحمل في طياتها معاني علمية عميقة تتطلب رؤية متكاملة تجمع بين النظرية والتجربة.

حمزة أبوعبيد's avatar

حمزة أبوعبيد

حمزة أبو عبيد، باحث مغربي في مجال فيزياء الطاقة العالية وأستاذ علوم الحاسوب. حصلتُ على درجة الدكتوراه في فيزياء الطاقة العالية من جامعة عبد المالك السعدي بطنجة، تحت إشراف البروفيسور عبد السلام أغريب. كما نلتُ درجة الماجستير في علوم الحاسوب والأجهزة العلمية في فيزياء الطاقة العالية من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تحت إشراف نفس الأستاذ. شاركتُ في تأليف عدة أوراق بحثية، من أبرزها: "One-loop radiative corrections to e+e−→Zh0/H0A0 in the Inert Higgs Doublet Model" "Benchmarking di-Higgs production in various extended Higgs sector models" "Is the new CDF MW​ measurement consistent with the two-Higgs doublet model?" قدمتُ أبحاثي في مؤتمرات دولية، منها المؤتمر العاشر لفيزياء مصادم الهادرونات (LHCP 2022)، حيث ناقشتُ إنتاج أزواج من الهيجز المشحون في مصادم الإلكترون-بوزيترون ضمن نموذج Inert Doublet. بالإضافة إلى نشاطي الأكاديمي، أهتمُ بتبسيط العلوم والتعاون مع منظمات مختلفة لتوجيه وتدريب الأفراد في مجال الروبوتات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *